علوم الإدراك والفهم

مقالات تاريخية واجتماعية ودينية وفلسفية وكل ما يخص العلوم والإكتشافات

recent

آخر الأخبار

recent
recent
جاري التحميل ...

رأيك يهمنا، وشكرا لك مسبقا.

السفر عبر الزمن

 السفر عبر الزمن




" إذا كان باستطاعة الإنسان أن يصعد إلى أعلى ضد الجاذبية في منطاد، فلماذا لا يأمل ـ في خاتمة المطاف ـ أن يكون باستطاعته أن يبطئ أو يعجل من إبحاره عبر البعد الزمني، بل وحتى أن يستدير على عقبيه ويسافر في الاتجاه العكسي ."

(هـ.ج.ويلز، آلة الزمان، 1895 )

المقدمة

لقد قفز موضوع السفر عبر الزمن من صفحات كتب الخيال العلمي إلى صفحات مجلات الفيزياء، وانتقل من كونه غير قابل للتصور في عالم وكون إسحاق نيوتن إلى ممكن في كون ألبرت إينشتاين، والجدير بالذكر هنا هو أن هذا التصور بات اليوم وكأنه حقيقة مطلقة لذا فإن الخطوة الأولى الجديرة بالاعتبار هي أن نرتاد أفكار السفر عبر الزمن الأساسية والتي وردت في قصص الخيال العلمي ونرى ما هو حجم التقدم والتطور الذي جرى في هذه الأفكار.

آلة الزمن ـ الزمن بعد رابع:

لقد برزت فكرة السفر عبر الزمن خلال قصة ويلز الشهيرة وكان أبرز ما فيها هو معالجتها للزمن كبعد رابع تلك المعالجة التي تكهنت باستخدام إينشتاين لذات المفهوم بعد ذلك بعشر سنوات وهنا يجب أن نضع ألف خط تحت تكهنت باستخدام اينشتاين.


تبدأ تلك الرواية عندما يشرح المسافر لأصدقاءه  فكرته عن الموضوع  ويعرض لهم نموذجا صغيرا لابتكاره وهو هيكل معدني به أجزاء من العاج والكوارتز، وله ذراع تمكن من دفعه صوب المستقبل، وأخرى يمكنها عكس الاتجاه، ثم بعد ذلك بأسبوع يجرب تلك الآلة وينطلق صوب المستقبل المجهول والذي يوقف فيه مركبته بعد أن وصل العداد إلى عام 802710، فماذا عساه وجد ؟، لقد انقسمت السلالة البشرية إلى نوعين أحدهما بهيمي وضيع يعيش تحت سطح الأرض ( المورلوك )، فيما يعيش النوع الآخر ذو الطبيعة الطفولية الوديعة فوق أديمها ( ويدعى الإلوى )، ومن هنا تبدأ أحداث تلك القصة، الشاهد هنا هو ما يستخلص من هذه القصة:

  • آلة الزمن حقيقة لا بد من تجسيدها والعمل على إيجاد الصيغة المناسبة لها.
  • العالم لا ينتهي، وإنما هو عبارة عن أبعاد زمنية تتكرر ولا تنتهي.
  • التصور الفكري لعالم البشر في الأزمنة المقبلة  والانقسام حسب الطبيعة .
  • انقراض العديد من الأنواع الحيوانية وتغير مفهوم الطبيعة في حد ذاتها.
هذه الاستخلاصات هي ما وضحتها وأبرزتها وأظهرتها للعيان أعمال ألبرت  إينشتاين التي أصلتها وأكدتها رياضيات الأستاذ هيرمان منكوفسكي ( Hermann Minkowski ) أن الزمن يمكن معالجته رياضيا كبعد رابع، وبهذا فإن كوننا رباعي الأبعاد، وبالمقارنة فإننا نقول إن سطح الأرض ثنائي الأبعاد، لأن كل نقطة على سطحها يكمن توصيفها باثنين من الإحداثيات ( خط طول وخط عرض ) ، أما الكون فإنه رباعي الأبعاد، بحيث إن توصيف أي حدث به يستلزم أربعة إحداثيات ( طول وعرض وارتفاع وزمن ) وعنا المفارقة:

  • الواقع الملاحظ لا يمكن التدليس أو التلبيس فيه وبالتالي يجب قول الحقيقة فيه وهذا ما يعكس التوصيف الثنائي.
  • الواقع الإفتراضي لا يمكن إثباته وبالتالي أي قول فيه يمكن حدوثه وهذا ما يعكسه التوصيف الرباعي.

الهروب من الزمن ونظرية العوالم المتعددة:

أولا: البديل : وهذا يتضمن ميكانيكا الكم ذلك المجال الفيزيائي الذي تطور وتقدم في بواكير القرن العشرين ليشرح سلوك الذرات والجزيئيات ويفسر كيف أن للجسيمات طبيعة الموجات وأن للموجات طبيعة الجسيمات، بالاعتماد على أهم قاعدة فيه وهي قاعدة الشك والريبة أو مبدأ عدم اليقين لهايزنبرج  Principle Heisenberg's uncertainty  التي تنص على عدم إمكان الجزم بموضع الجسيم وسرعته في آن واحد بدقة وعلى سبيل القطع وهو ما خلق فكرة العوالم المتعددة المتوازية والمختلفة حيث يمكن التحري عن الجسيم في أحدها، وهذا هو المفهوم العام للعوالم المتعددة التي ينادي بها البعض اليوم والحقيقة في هذه الجزئية هي:

  • نظرية الكم تخص العالم الذري والدون ذري وما تطرحه يهمل عادة على نطاق القياسات الماكروسكوبية أو العيانية التي ترى بالعين المجردة.
  • الظواهر غير العادية في العالم الكمي كالسلوك النفقي مثلا يبقى حبيس الطبيعة الموجية للجسيمات ولا يمكن أن ينطبق على الأجسام الكبيرة كما قلنا وبالتالي الاعتماد على هذه الفكرة خطأ من الأساس.

كذلك طرح هذا التصور العديد من الإشكالات التي لا يمكن إعطاء تفسير منطقي لها مثل إشكالية الجدة المقتولة ، كما قال الفيزيائي دافيد دويتش David Deutch ، حيث أن قتل المسافر عبر الزمن لجدته وهي صغيرة سيؤدي بالكون إلى أن يتخذ تفريعات جديدة ومسارات مختلفة عن المسار الذي يوجد به المسافر عبر الزمن وجدة مقتولة، وهذا ضمن دوامة لا تنتهي أبدا.

ثانيا: التواصل ومفهوم الثقوب الدودية: وهذا كذلك هو نتاج فكرة خيالية والتي تجسدت في عمل سينيمائي خلاصته وجود ثقب في الزمكان يربط بين موضعين حيث أثار ذلك اهتمام باحث الفيزياء الذي وضع مع زملائه في العمل كيفية استغلال ذلك في السفر عبر الزمن ولأجل هذا انكب اينشتاين على بعض المفارقات عند إعادة صياغته للنظرية النسبية الخاصة، والقول بأن سرعة الضوء هي أسرع سرعة معروفة وتم قياسها ، غير أن الفيزيائي ألبرت ميكلسون Albert Michelson  والكيميائي إدوارد مورلي  Edward Morley  قد أجريا تجربة طريفة في سنة 1887 بمختبرهما، لإظهار أن سرعة الضوء تبقى كما هي بصرف النظر عن الاتجاه الذي يتحرك فيه، وأن هذه الظاهرة ينبغي أن تتحقق فقط إذا كانت الأرض ساكنة وهذا تناقض مع ما يقوله علماء الفضاء بأن الأرض متحركة وليست ثابتة وبالتالي خرجت التجربة عن مقصدها إلى أمر آخر ولم  يتم إثبات شيئ.


الخلاصة:

لا يمكن السفر عبر الزمن بأي حال من الأحوال ولا بشكل من الأشكال ولا يمكن خلق عوالم متعددة  لتبرير فكرة السفر تلك، كما أن التدليل بوجود الإمكانية بالعالم الكمي وما يحتويه ذلك المجال غير قابل للتجسيد والقياس، فإذا كانت بعض طرق معالجة ميكانيكا الكم من المرونة بمكان بحيث تنجح حتى في مجالات السفر عبر الزمن في عالمها فإن ذلك لا ينطبق على العالم الكبير .





عن الكاتب

ch oussama

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

علوم الإدراك والفهم