علوم الإدراك والفهم

مقالات تاريخية واجتماعية ودينية وفلسفية وكل ما يخص العلوم والإكتشافات

recent

آخر الأخبار

recent
recent
جاري التحميل ...

رأيك يهمنا، وشكرا لك مسبقا.

الحاجة إلى نظرية الكم

 الحاجة إلى نظرية الكم






تطورت »الميكانيكا التقليدية« بصورة مستمرة منذ نيوتن وطبقت على مدى آخذ في
الاتساع من الأنظمة الديناميكية، متضمنة تفاعل المجال الكهرومغناطيسي مع المادة.
وتُكون الأفكار الأساسية والقوانين الحاكمة للتطبيق مشروعا سهلا ً وأنيقا، بحيث يميل
المرء إلى التفكير في صعوبة جدية تبديلها دون إتلاف كل ملامحها الجذابة. على أية
حال فقد وجد أنه من الممكن بناء مشروع جديد، يعرف بميكانيكا الكم، أكثر مناسبةً 
لوصف الظواهر في المدى الذري ويكون في بعض جوانبه أشد أناقة وأكثر قبولا من
المشروع التقليدي. وترجع هذه الإمكانية إلى التغييرات التي يتضمنها المشروع الجديد
ذات خصائص عميقة ولا تتعارض مع الملامح في المشروع التقليدي التي تجعله شديد
الجاذبية، ونتيجة لذلك فإن هذه الملامح يمكن تضمينها في المشروع الجديد.
وأوضحت النتائج المعملية جليٍّا ضرورة التخلي عن الميكانيكا التقليدية )الكلاسيكية(
ففي المقام الأول نجد أن القوى في الإلكتروديناميكا التقليدية )الكلاسيكية( غير صالحة
لتفسير الاستقرار الملحوظ في الذرات والجزيئات، والضروري من أجل أن يكون للمواد
أي خصائص فيزيائية وكيميائية بصورة مطلقة. على أن تقديم قوى افتراضية جديدة
لن ينقذ الموقف، حيث توجد مبادئ عامة للميكانيكا التقليدية، تصلح لكل أنواع القوى،
ً تؤدي إلى نتائج تتناقض مباشرة مع الملاحظات. فمثلا، إذا كان هناك نظام ذري اختل
اتزانه بصورة ما ثم ترك بمفرده، فإنه سوف يتذبذب ومن ثم تنطبع هذه الذبذبات على
المجال الكهرومغناطيسي المحيط، بحيث يمكن ملاحظة هذه الذبذبات بواسطة المطياف
)سبكتروسكوب.( والآن مهما كانت قوانين القوى التي تحكم الاتزان، فمن المتوقع
احتواء الترددات المختلفة في شكل يتكون من بعض الترددات الأساسية ومضاعفاتها.
ً ولكن ليست هذه هي الحالة المشاهدة. وبدلا من ذلك، يلاحظ وجود ترددات جديدة
وارتباط غير متوقع بين هذه الترددات، وهي ما يعرف بقانون توفيق »ريتز« للأطياف
، ً
Ritz combination lawووفقا لهذا القانون فإن كل الترددات يمكن أن تمثل بفروق
بين حدود معينة، وعدد هذه الحدود أقل من عدد الترددات. إلا أن هذا القانون لا يمكن
ً فهمه طبقا لوجهة النظر الكلاسيكية.
ولو حاول المرء تخطي هذه الصعوبة دون التخلي عن الميكانيكا التقليدية بافتراض
أن كل الترددات الملاحظة طيفيٍّا ترددات أساسية لها درجة حريتها، فإن قوانين القوى
تؤدي إلى عدم حدوث مضاعفات الترددات. ومثل هذه النظرية لا تفي بالغرض، حيث
إنها لا تعطي تفسيرًا لقانون التوفيق لريتز، حيث إنها تؤدي إلى تعارض مع الدلائل
العملية لقياسات الحرارات النوعية. وتمكن الميكانيكا الإحصائية التقليدية المرء من بناء
علاقة عامة بين العدد الكلي لدرجات الحرية لمجموعة من المنظومات المهتزة وحرارتها
النوعية. وإذا افترض المرء أن كل الترددات الطيفية لذرة تناظر درجات حرية مختلفة،
فسوف يحصل على حرارة نوعية لأي مادة أعلى بكثير من القيم المقيسة. وفي الحقيقة
فإن الحرارة النوعية المقيسة عند درجة حرارة ما تعطى بدقة بالنظرية التي تأخذ في
ً الاعتبار حركة كل ذرة ككل ولا تعير اهتماما على الإطلاق لأي حركة داخلية للذرة.
ويقودنا هذا إلى صدام جديد بين الميكانيكا التقليدية والنتائج المعملية. يوجد
بالتأكيد بعض الحركات داخل أي ذرة حتى يتم حساب الطيف لها، ولكن درجات
الحرية الداخلية، لسبب تقليدي )كلاسيكي( غامض، لا تساهم في الحرارة النوعية.
كما يوجد صدام مشابه يتعلق بطاقة تذبذب المجال الكهرومغناطيسي في الفراغ. حيث
تتطلب الميكانيكا الكلاسيكية أن تكون الحرارة النوعية المقابلة لهذه الطاقة لانهائية،
ولكن الملاحظ هو كونها محدودة. وهناك استنتاج عام من النتائج العملية وهو أن
الاهتزازات عالية التردد لا تساهم بنصيبها الكلاسيكي في الحرارة النوعية.
وكمثال آخر على فشل الميكانيكا التقليدية )الكلاسيكية( نسوق سلوك الضوء.
فلدينا من ناحية، ظاهرتا التداخل والحيود، اللتان يمكن تفسيرهما فقط على أساس
النظرية الموجية، ومن ناحية أخرى، فظواهر مثل الانبعاث الكهروضوئي والتشتت
بواسطة الإلكترونات الحرة؛ تظهر أن الضوء يتكون من جسيمات صغيرة. وهذه
الجسيمات، التي تعرف بالفوتونات، لكل منها طاقة محددة وكمية حركة، تعتمدان على
ً تردد الضوء، والتي تبدي وجودا حقيقيٍّا كجسيمات مثل الإلكترونات، أو أي جسيمات
أخرى معروفة في الفيزياء. على أنه لم يلاحظ على الإطلاق وجود أجزاء للفوتون.
ً ولقد أوضحت التجارب أن هذا السلوك الشاذ )غير الطبيعي( ليس مقصورا
على الضوء، ولكنه سلوك عام. فكل الجسيمات المادية لها خواص موجية، يمكن أن

تظهر تحت ظروف مناسبة. ولدينا هنا مثال واضح وعام لانهيار الميكانيكا التقليدية
)الكلاسيكية( ليس فقط عدم دقة في قوانينها التي تصف الحركة، »ولكن عدم مواءمة
في مفاهيمها لكي تمدنا بوصف للأحداث في نطاق الذرات.


عن الكاتب

ch oussama

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

علوم الإدراك والفهم